الرئيسية
إن تغريبه بني هلال الكبرى و أثرها العميق في تحول بلاد المغرب العربي تعتبر من المواضيع الخصبة وذات الأهمية الكبرى، ورغم ما كتب عنها إلا أنها تبقى في حاجة ماسة إلى المزيد من العناية والاهتمام، ولقد تركت قبائل بنو هلال تاريخا ثريا وتراثا غنيا وسيرة زاخرة لكنه يفتقر إلى الدراسة.
والتمحيص وهذا البحث الذي نقدمه للقارئ الكريم هو في الحقيقة محاولة متواضعة لسدّ الثغرات الموجودة في تدوين تاريخ الذاكرة الشعبية للمنطقة، وذلك من خلال تناول سيرة وحياة امرأة تتفق الروايات الشعبية المتواترة والمختلفة من حيث المبدأ على أنها أميرة هلالية من قبيلة بني عامر تدعي مباركة بنت الخص.
ويمكن القول أنه من الأمور التي أصبحت مألوفة هو التسليم بصحة الرواية الشعبية التي تتناول تاريخ معالم وسير ومناقب أعلام دون العودة إلى تحقيق وتمحيص هذه الرواية الشعبية، التي تصل في بعض تفاصيلها إلى حد الأسطورة وقصص الخيال الشعبي، ولكن هذا لا يمنع من العمل على تدوين هذا التراث الشعبي بكلّ ما يحمله من أساطير، وملاحم، وسير، وحكايات شعبية، ومعتقدات وممارسات طقوسية.. لأن هذا الزخم الثقافي هو في الحقيقة إرث إنساني مشترك وقاسم فولكلوري لكل المجتمعات يجب المحافظة عليه حتى لا يندثر في خضم بحر المتاهات الثقافية العالمية الواسعة.
وإنّ أقصى ما أرجوه من هذا البحث الإسهام في إحياء تاريخ المنطقة ونفض الغبار عن أعلام ومعالم طمسها الزمن، وقد ظلّت هذه الغاية تراودني لكن ما كان يعيق مسيرتي في هذا البحث هو غموض مباحثه وفقدان مراجعه
وفي غياب الدليل، تبقى الرواية الشعبية هي المصدر الوحيد لهذا البحث مع الاعتماد على ما دوّنه بعض الفرنسيين في هذا الشأن.
والحقيقة أنّي لست أرمي أن أُلمّ بجميع جوانب البحث، ولكنّي أعتبره كمعالم أولية تحدد الخطوط العريضة ينهج على منوالها كل من شدته الرغبة للكتابة، والتوسّع في هذا الموضوع وفك الغموض والطلاسم المضروبة عليه كغيره من الكثير من الأحداث التاريخية المهمة التي تتساقط تباعا من الذاكرة الشعبية، وذلك لعدم تدوينها بفعل الإهمال والنسيان واللامبالاة ولازال هذا النزيف ينخر تراثنا دون أن يعير مؤرخونا أدنى اهتمام وكأن التراث أضحى من سقط المتاع وتبقى المحاولات المتواضعة لسد هذه الثغرات دون المستوى المنشود.
وتجدر الإشارة أن البحث في هذا الموضوع هو في غاية الصعوبة لتضارب الروايات، ولعدم توفر المراجع التي تقدم المعلومة الصحيحة و الموثوقة للدارس، إلاّ أننا نحاول تقديم وتدوين ما جادت به علينا الرواية الشعبية لربط الأجيال بماضيها وبتاريخها الزاخر.
وعند تناولي لهذا الموضوع اعتمدت في منهجية الكتابة بتقسيمه
إلى مقدمة و ثلاثة أبواب و خاتمة
الباب الأول لمحة تاريخية عن بني هلال و تغريبتهم الكبرى
الباب الثاني بنت الخص الايادية
الباب الثالث بنت الخص الهلال
نسب و موطن قبائل بني هلال
يذكر نسابة العرب القدامى أن قبائل بني هلال تنحدر من هلال بن عامر بن صعصعة بن بكر بن هوازن المنحدر من مضر بن نزار بن عدنان، والمتتبع لسيرة قبيلة بني هلال يلاحظ أنها كانت دائما في حل وترحال بين صحراء نجد والحجاز، ونصادف أثارهم في بلاد الشام وصعيد مصر، وكان هذا آخر موطن لهم قبل نزوحهم إلى بلاد إفريقيا.
نزوح قبائل بني هلال إلى شمال إفريقيا
لم يكن نزوح بني هلال إلى الشمال الإفريقي من باب الصدفة، إنّما كان بأمر من الخليفة الفاطمي المستنصر العلوي (1036 - 1094 م ) وذلك أنه بعد موت "كافور الاخشيدي" انتقلت الخلافة الفاطمية إلى مصر، وحفاظا على نفوذها وسلطتها بإفريقيا اهتدى أميرها إلى تولية قبيلة صنهاجة ملك الفاطميين بإفريقيا، على أن يبقي الولاء
والدعوة للخلافة الفاطمية فتأسست بذلك دولة صنهاجة. وعندما وصلت الخلافة إلى المعز بن باديس الصنهاجي رفض الولاء للخلافة الفاطمية، وخطب باسم الخليفة العباسي القائم "أبي جعفر" وذلك سنة ( 1046م)، وقام بتشريد و تقتيل أتباع الفاطميين وألغى المذهب الشيعي وأعلن المذهب المالكي، ومن تاريخ هذه الواقعة ظل المذهب المالكي قائما في شمال إفريقيا إلى يومنا هذا.
استاء الخليفة الفاطمي لما فعله المعز بن باديس و تأثر كثيرا لهذا الانقلاب السياسي والمذهبي فاستشار وزيره أبو محمد ابن علي اليازوري وكان داهية في الرأي والسياسة، فأشار عليه بترحيل أعراب بني هلال إلى شمال إفريقيا، ضاربا بذلك عصفورين بحجر واحد؛ ليأمن بطشهم وشغبهم من جهة، وليستعملهم كوسيلة تنكيل على ملك المعز بن باديس ملك دولة صنهاجة من جهة أخرى .
قبل الخليفة الرأي واستدعى عيون ورؤساء قبائل بني هلال وأمدّهم بالمال وأمرهم بالرحيل إلى شمال إفريقيا، فشدّوا الرحال وقطعت القبائل العربية البراري والصحاري، إلى أن أشرفوا على بلاد إفريقيا ودخلوها سنة 1052م
دخول الهلاليين إلى الجزائر
دخلت قبائل بني هلال وقبيلة زغبه خاصة إلي الجزائر عبر ثلاثة معابر.
الجهة الأولى: عبر السواحل، حيث تقطن قبائل كتامة ويضعف نفوذ قبيلة صنهاجة، ولم يجد الهلاليين أدنى مقاومة أو رفض وذلك للعلاقة الحميمة التي كانت تربط التجار العرب مع البربر.
الجهة الثانية: وكانت عبر الهضاب العليا أي الوسط حيث نفوذ سلطة الحماديين، ودام الصراع بين قبيلة صنهاجة وقبيلة زغبه حينا من الدهر، ولم تنكسر شوكة البربر إلا بشق الأنفس.
الجهة الثالثة: وكانت عبرا لصحراء حيث تقيم قبيلة زناتة الخاضعة لسلطة الحمادييين، وقد عجزت قبيلة زناتة عن ردع العرب واستسلمت لقوة السيف. قد استطاعت القبائل العربية أن تزاحم قبائل صنهاجة وزناتة في كل
ما يملكون و أقامت على أنقاض مُلْكِ البَربر صرحا عربيا خالدا.
وبقدر ما كان زحف القبائل العربية على شمال إفريقيا نقمة علي ملك البربر فقد كان أيضا نعمة عليهم، إذ هذّب وعرّب اللسان البربري، وعمّت اللغة العربية أوساط البربر بالاحتكاك والمصاهرة، وكانت اللغة العربية عاملا مهما ووسيلة قوية في بعث روح الإسلام والسلم بين العرب والبربر.
وإن كان للعرب والبربر صفات وعادات و تقاليد مختلفة، إلا أنهم انصهروا في ما بينهم باختلاط الدماء والأنساب عن طريق المصاهرة، ما أدى إلى تبادل العلاقات والنظم الاجتماعية، وقد ساعد كل ذلك على إرساء سياسة التسامح، والترابط ونشأ عن هذا الاختلاط والتلاحم جيل جديد يحمل صفة التعايش الحضاري.
قبيلة بني عامر:
يعتقد الكثيرون أن قبيلة بني عامر التي يعود أصلها إلى شبه الجزيرة العربية، هي نفس القبيلة التي زحفت على شمال إفريقيا، وفي الحقيقة يوجد هناك فرق زمني شاسع بين القبيلتين، فقبيلة بني عامر التي عاشت في المشرق عامة يعود أصلها إلى عامر بن صعصعة بن بكر، أما قبيلة بني عامر المعروفة في الجزائر فهي بطن من بطون بني هلال، ويعود نسبها إلى عامر بن زغبة بن ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة بن بكر، أي بمعنى أن قبيلة بني عامر التي عاشت في المشرق هي من الأصول الأولى لقبيلة بني عامر، التي زحفت على بلاد شمال إفريقيا واستوطنت على وجه الخصوص في الجزائر.
تعتبر قبيلة بني عامر من القبائل الهلالية الكبرى التي استوطنت الجزائر وعلى وجه الخصوص منطقة الجنوب الغربي الجزائري ما بين شمال أرض مزاب مرورا بصحراء واد صقر إلى غرب جبل العمور، وذلك إلى حين أن مَلَكَ يغمراسن بن زيان(1235-1283 م) مدينة تلمسان العريقة، حيث نقلهم إلى ضواحي مملكته للحماية والدفاع عنها، وظلت علاقة الولاء والحماية وطيدة بين سلاطين دولة بني زيان وقبيلة بني عامر وخاصة في عهد السلطان أبي حمو موسى الثاني الذي كان دومًا في حماية قبيلة بني عامر. ومما يذكر في هذا الشأن أنه عندما هجم السلطان عبد العزيز المريني سنة ( 1381 م) على تلمسان، فرّ السلطان أبو حمو موسى مع أبنائه وظلّ في حماية بني عامر، وردًّا للجميل على هذا الولاء، اقتطعت الدولة الزيانية منطقة الجنوب الغربي لتكون تحت سلطة بني عامر، يضعنون فيها بمواشيهم بدون منافس من القبائل الأخرى خاصة قبيلة بني سويد التي كانت تقطن بمنطقة جبل العمور شرقا، والتي كانت تنافس بني عامر في الزعامة وتزاحمهم في المضاعن، وقد كانت رحى الحرب لا تهدأ بين القبيلتين، ومن أشهر المعارك التي دارت بينهم معركة واد ملال، حيث أغار بنو عامر على بنو سويد وألحقوا بهم شر هزيمة وقتلوا زعيمهم عثمان بن ونزمار بن عريف وطردوهم من مرابع بنو عامر.
وقد عرفت هذه القبائل حروبا ضروسا في ما بينها، حتى أصبحت شيئا من طبيعتها إلى درجة الاعتقاد أن ما تستطيع انتزاعه بحد السيف هو ملك لها بدون نزاع، خاصة مناطق الرعي ومنابع المياه وقطعان الإبل التي كانت تُسبى
بين القبائل من حين لآخر.
والقبيلة كما هو معروف مجتمع مغلق على نفسه يجني المغانم تارة ويتكبد المغارم تارة أخرى، وهو في صراع دائم من أجل البقاء في دروب الصحراء الموحشة والمعروفة بوعورة المسالك وشدّة الحر وندرة الماء ،وبقدرما تكون هذه العوامل كعوائق للبدوي في حياته فهي أيضا حليفة له في مجملها وهي خط دفاعه الأول و الطبيعي ضد كل زاحف و غاز.
زعماء قبيلة بني عامر بين القرنين (14 و 15) م
كان لقبيلة بني عامر حظوة سياسية كبيرة ،وكان رؤساؤها مقرّبين من سلاطين الدولة الزيانية تارة ومن سلاطين الدولة المرينية تارة أخرى. ونذكر من رؤسائها عامر بن إبراهيم ،وقد كان شهما حازما و كانت تربطه علاقة حميمة مع السلطان المريني أبي سعيد(1330م) ووصلت بهم العلاقة إلى حد المصاهرة ،إذ تزوج هذا الأخير من ابنة عامر بن إبراهيم ،ثم خلفه ابنه صغير بن عامر،وفي عهده ساءت العلاقة بين دولة بني مرين و قبيلة بني عامر، وبعد سقوط تلمسان في يد المرنيين سنة ( 1337م) فر صغير بن عامر إلى مدينة المنيعة وتقرب من السلطان الدولة الزيانية أبو حمو موسى الثاني،وتحالف معه واستمرت زعامة بني عامر بعد ذلك في أولاد صغير بن عامر وهم عبد الله
و مسعود و ملوك ،كما كان ابن عمهم علي بن عمر بن إبراهيم من أبرز رؤساء بني عامر وكان فحلا من فحول الشعر، وقد عاصرهذا الأخير العلامة عبد الرحمن بن خلدون(1332-1406م)
والتمحيص وهذا البحث الذي نقدمه للقارئ الكريم هو في الحقيقة محاولة متواضعة لسدّ الثغرات الموجودة في تدوين تاريخ الذاكرة الشعبية للمنطقة، وذلك من خلال تناول سيرة وحياة امرأة تتفق الروايات الشعبية المتواترة والمختلفة من حيث المبدأ على أنها أميرة هلالية من قبيلة بني عامر تدعي مباركة بنت الخص.
ويمكن القول أنه من الأمور التي أصبحت مألوفة هو التسليم بصحة الرواية الشعبية التي تتناول تاريخ معالم وسير ومناقب أعلام دون العودة إلى تحقيق وتمحيص هذه الرواية الشعبية، التي تصل في بعض تفاصيلها إلى حد الأسطورة وقصص الخيال الشعبي، ولكن هذا لا يمنع من العمل على تدوين هذا التراث الشعبي بكلّ ما يحمله من أساطير، وملاحم، وسير، وحكايات شعبية، ومعتقدات وممارسات طقوسية.. لأن هذا الزخم الثقافي هو في الحقيقة إرث إنساني مشترك وقاسم فولكلوري لكل المجتمعات يجب المحافظة عليه حتى لا يندثر في خضم بحر المتاهات الثقافية العالمية الواسعة.
وإنّ أقصى ما أرجوه من هذا البحث الإسهام في إحياء تاريخ المنطقة ونفض الغبار عن أعلام ومعالم طمسها الزمن، وقد ظلّت هذه الغاية تراودني لكن ما كان يعيق مسيرتي في هذا البحث هو غموض مباحثه وفقدان مراجعه
وفي غياب الدليل، تبقى الرواية الشعبية هي المصدر الوحيد لهذا البحث مع الاعتماد على ما دوّنه بعض الفرنسيين في هذا الشأن.
والحقيقة أنّي لست أرمي أن أُلمّ بجميع جوانب البحث، ولكنّي أعتبره كمعالم أولية تحدد الخطوط العريضة ينهج على منوالها كل من شدته الرغبة للكتابة، والتوسّع في هذا الموضوع وفك الغموض والطلاسم المضروبة عليه كغيره من الكثير من الأحداث التاريخية المهمة التي تتساقط تباعا من الذاكرة الشعبية، وذلك لعدم تدوينها بفعل الإهمال والنسيان واللامبالاة ولازال هذا النزيف ينخر تراثنا دون أن يعير مؤرخونا أدنى اهتمام وكأن التراث أضحى من سقط المتاع وتبقى المحاولات المتواضعة لسد هذه الثغرات دون المستوى المنشود.
وتجدر الإشارة أن البحث في هذا الموضوع هو في غاية الصعوبة لتضارب الروايات، ولعدم توفر المراجع التي تقدم المعلومة الصحيحة و الموثوقة للدارس، إلاّ أننا نحاول تقديم وتدوين ما جادت به علينا الرواية الشعبية لربط الأجيال بماضيها وبتاريخها الزاخر.
وعند تناولي لهذا الموضوع اعتمدت في منهجية الكتابة بتقسيمه
إلى مقدمة و ثلاثة أبواب و خاتمة
الباب الأول لمحة تاريخية عن بني هلال و تغريبتهم الكبرى
الباب الثاني بنت الخص الايادية
الباب الثالث بنت الخص الهلال
نسب و موطن قبائل بني هلال
يذكر نسابة العرب القدامى أن قبائل بني هلال تنحدر من هلال بن عامر بن صعصعة بن بكر بن هوازن المنحدر من مضر بن نزار بن عدنان، والمتتبع لسيرة قبيلة بني هلال يلاحظ أنها كانت دائما في حل وترحال بين صحراء نجد والحجاز، ونصادف أثارهم في بلاد الشام وصعيد مصر، وكان هذا آخر موطن لهم قبل نزوحهم إلى بلاد إفريقيا.
نزوح قبائل بني هلال إلى شمال إفريقيا
لم يكن نزوح بني هلال إلى الشمال الإفريقي من باب الصدفة، إنّما كان بأمر من الخليفة الفاطمي المستنصر العلوي (1036 - 1094 م ) وذلك أنه بعد موت "كافور الاخشيدي" انتقلت الخلافة الفاطمية إلى مصر، وحفاظا على نفوذها وسلطتها بإفريقيا اهتدى أميرها إلى تولية قبيلة صنهاجة ملك الفاطميين بإفريقيا، على أن يبقي الولاء
والدعوة للخلافة الفاطمية فتأسست بذلك دولة صنهاجة. وعندما وصلت الخلافة إلى المعز بن باديس الصنهاجي رفض الولاء للخلافة الفاطمية، وخطب باسم الخليفة العباسي القائم "أبي جعفر" وذلك سنة ( 1046م)، وقام بتشريد و تقتيل أتباع الفاطميين وألغى المذهب الشيعي وأعلن المذهب المالكي، ومن تاريخ هذه الواقعة ظل المذهب المالكي قائما في شمال إفريقيا إلى يومنا هذا.
استاء الخليفة الفاطمي لما فعله المعز بن باديس و تأثر كثيرا لهذا الانقلاب السياسي والمذهبي فاستشار وزيره أبو محمد ابن علي اليازوري وكان داهية في الرأي والسياسة، فأشار عليه بترحيل أعراب بني هلال إلى شمال إفريقيا، ضاربا بذلك عصفورين بحجر واحد؛ ليأمن بطشهم وشغبهم من جهة، وليستعملهم كوسيلة تنكيل على ملك المعز بن باديس ملك دولة صنهاجة من جهة أخرى .
قبل الخليفة الرأي واستدعى عيون ورؤساء قبائل بني هلال وأمدّهم بالمال وأمرهم بالرحيل إلى شمال إفريقيا، فشدّوا الرحال وقطعت القبائل العربية البراري والصحاري، إلى أن أشرفوا على بلاد إفريقيا ودخلوها سنة 1052م
دخول الهلاليين إلى الجزائر
دخلت قبائل بني هلال وقبيلة زغبه خاصة إلي الجزائر عبر ثلاثة معابر.
الجهة الأولى: عبر السواحل، حيث تقطن قبائل كتامة ويضعف نفوذ قبيلة صنهاجة، ولم يجد الهلاليين أدنى مقاومة أو رفض وذلك للعلاقة الحميمة التي كانت تربط التجار العرب مع البربر.
الجهة الثانية: وكانت عبر الهضاب العليا أي الوسط حيث نفوذ سلطة الحماديين، ودام الصراع بين قبيلة صنهاجة وقبيلة زغبه حينا من الدهر، ولم تنكسر شوكة البربر إلا بشق الأنفس.
الجهة الثالثة: وكانت عبرا لصحراء حيث تقيم قبيلة زناتة الخاضعة لسلطة الحمادييين، وقد عجزت قبيلة زناتة عن ردع العرب واستسلمت لقوة السيف. قد استطاعت القبائل العربية أن تزاحم قبائل صنهاجة وزناتة في كل
ما يملكون و أقامت على أنقاض مُلْكِ البَربر صرحا عربيا خالدا.
وبقدر ما كان زحف القبائل العربية على شمال إفريقيا نقمة علي ملك البربر فقد كان أيضا نعمة عليهم، إذ هذّب وعرّب اللسان البربري، وعمّت اللغة العربية أوساط البربر بالاحتكاك والمصاهرة، وكانت اللغة العربية عاملا مهما ووسيلة قوية في بعث روح الإسلام والسلم بين العرب والبربر.
وإن كان للعرب والبربر صفات وعادات و تقاليد مختلفة، إلا أنهم انصهروا في ما بينهم باختلاط الدماء والأنساب عن طريق المصاهرة، ما أدى إلى تبادل العلاقات والنظم الاجتماعية، وقد ساعد كل ذلك على إرساء سياسة التسامح، والترابط ونشأ عن هذا الاختلاط والتلاحم جيل جديد يحمل صفة التعايش الحضاري.
قبيلة بني عامر:
يعتقد الكثيرون أن قبيلة بني عامر التي يعود أصلها إلى شبه الجزيرة العربية، هي نفس القبيلة التي زحفت على شمال إفريقيا، وفي الحقيقة يوجد هناك فرق زمني شاسع بين القبيلتين، فقبيلة بني عامر التي عاشت في المشرق عامة يعود أصلها إلى عامر بن صعصعة بن بكر، أما قبيلة بني عامر المعروفة في الجزائر فهي بطن من بطون بني هلال، ويعود نسبها إلى عامر بن زغبة بن ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامر بن صعصعة بن بكر، أي بمعنى أن قبيلة بني عامر التي عاشت في المشرق هي من الأصول الأولى لقبيلة بني عامر، التي زحفت على بلاد شمال إفريقيا واستوطنت على وجه الخصوص في الجزائر.
تعتبر قبيلة بني عامر من القبائل الهلالية الكبرى التي استوطنت الجزائر وعلى وجه الخصوص منطقة الجنوب الغربي الجزائري ما بين شمال أرض مزاب مرورا بصحراء واد صقر إلى غرب جبل العمور، وذلك إلى حين أن مَلَكَ يغمراسن بن زيان(1235-1283 م) مدينة تلمسان العريقة، حيث نقلهم إلى ضواحي مملكته للحماية والدفاع عنها، وظلت علاقة الولاء والحماية وطيدة بين سلاطين دولة بني زيان وقبيلة بني عامر وخاصة في عهد السلطان أبي حمو موسى الثاني الذي كان دومًا في حماية قبيلة بني عامر. ومما يذكر في هذا الشأن أنه عندما هجم السلطان عبد العزيز المريني سنة ( 1381 م) على تلمسان، فرّ السلطان أبو حمو موسى مع أبنائه وظلّ في حماية بني عامر، وردًّا للجميل على هذا الولاء، اقتطعت الدولة الزيانية منطقة الجنوب الغربي لتكون تحت سلطة بني عامر، يضعنون فيها بمواشيهم بدون منافس من القبائل الأخرى خاصة قبيلة بني سويد التي كانت تقطن بمنطقة جبل العمور شرقا، والتي كانت تنافس بني عامر في الزعامة وتزاحمهم في المضاعن، وقد كانت رحى الحرب لا تهدأ بين القبيلتين، ومن أشهر المعارك التي دارت بينهم معركة واد ملال، حيث أغار بنو عامر على بنو سويد وألحقوا بهم شر هزيمة وقتلوا زعيمهم عثمان بن ونزمار بن عريف وطردوهم من مرابع بنو عامر.
وقد عرفت هذه القبائل حروبا ضروسا في ما بينها، حتى أصبحت شيئا من طبيعتها إلى درجة الاعتقاد أن ما تستطيع انتزاعه بحد السيف هو ملك لها بدون نزاع، خاصة مناطق الرعي ومنابع المياه وقطعان الإبل التي كانت تُسبى
بين القبائل من حين لآخر.
والقبيلة كما هو معروف مجتمع مغلق على نفسه يجني المغانم تارة ويتكبد المغارم تارة أخرى، وهو في صراع دائم من أجل البقاء في دروب الصحراء الموحشة والمعروفة بوعورة المسالك وشدّة الحر وندرة الماء ،وبقدرما تكون هذه العوامل كعوائق للبدوي في حياته فهي أيضا حليفة له في مجملها وهي خط دفاعه الأول و الطبيعي ضد كل زاحف و غاز.
زعماء قبيلة بني عامر بين القرنين (14 و 15) م
كان لقبيلة بني عامر حظوة سياسية كبيرة ،وكان رؤساؤها مقرّبين من سلاطين الدولة الزيانية تارة ومن سلاطين الدولة المرينية تارة أخرى. ونذكر من رؤسائها عامر بن إبراهيم ،وقد كان شهما حازما و كانت تربطه علاقة حميمة مع السلطان المريني أبي سعيد(1330م) ووصلت بهم العلاقة إلى حد المصاهرة ،إذ تزوج هذا الأخير من ابنة عامر بن إبراهيم ،ثم خلفه ابنه صغير بن عامر،وفي عهده ساءت العلاقة بين دولة بني مرين و قبيلة بني عامر، وبعد سقوط تلمسان في يد المرنيين سنة ( 1337م) فر صغير بن عامر إلى مدينة المنيعة وتقرب من السلطان الدولة الزيانية أبو حمو موسى الثاني،وتحالف معه واستمرت زعامة بني عامر بعد ذلك في أولاد صغير بن عامر وهم عبد الله
و مسعود و ملوك ،كما كان ابن عمهم علي بن عمر بن إبراهيم من أبرز رؤساء بني عامر وكان فحلا من فحول الشعر، وقد عاصرهذا الأخير العلامة عبد الرحمن بن خلدون(1332-1406م)
[/img]
[/img]
» تطبيق almishahidروعة لمشاهدة قنوات العالم والرياضية
» تاريخ الصحراء الغربية
» تعلم الاختراق ببرورات .صنع سيرفر برورات
» نشرات اخبار حول زيارة وفد من بلدية بوقطب الى الاراضي الصحراوية المحتلة
» ماهو فيروس الايبولا القاتل ?
» شرح معنى CNAME,A,MX,NS,TXTفي البرمجة
» مشهد لمسرحية في يوم العلم 2013
» كتب الموسيقى pdf
» نبذة عن المنتخبات المشاركة في كاس العالم